اهمية الرعاية الصحية لذوي الحاجات الخاصة




ليس العوق بمجمله مشكلة اجتماعية او نفسية او انسانية فحسب , وانما هو مشكلة طبية ايضا , حيث يلعب الطبيب دورا مهما في جملة التدابير العديدة , والهادفة الى التخفيف من معاناة المعوق في مراحل حياته المختلفة ومساعدته ودعمه , بل ودفعه الى الامام لتذليل الصعوبات الكبيرة التي يواجهها في مسيرة حياته .
ان ذوي الحاجات الخاصة هم في حاجة ماسة الى عناية صحية فائقة , ومتابعة مستمرة من قبل فريق طبي متخصص , يتمتع بخبرة جيدة في هذا المجال , ولعل اهم المشكلات الصحية التي يعانيها ذوو الحاجات الخاصة هي :
1-التشوهات الولادية المختلفة : مثل تشوهات القلب , والجهاز الدوراني , وتشوهات الاحشاء الداخلية , والتشوهات البدنية , واضطرابات الوظائف الحيوية وغيرها , وهذه الطائفة من التشوهات يزيد معدلها لدى حالات ( متلازمة داون ) الامر الذي يجعل هذه الفئة بحاجة الى عناية طبية مستمرة , ومتابعة دقيقة , واكتشاف مبكر لهذه التشوهات , وذلك لاتخاذ الاجراءات الطبية المناسبة في حينها .
ان على الاهل في هذه الحالة متابعة ابنائهم جيدا , واتباع كافة الارشادات الطبية بدقة وابلاغ المدرسة بكافة التوصيات التي يشير اليها الطبيب المختص , وبالمقابل على المشرفين في المدرسة التقيد بهذه الارشادات , ومراعاة حالات هؤلاء الطلاب في كافة الانشطة المدرسية .
2-داء الصرع : وهو مرض شائع ومعروف , يصيب العديد من ذوي الحاجات الخاصة , وتحديدا بعض حالات العوق العقلي الناجم عن الاصابة بالحمى المخية الشوكية او الرضوض الدماغية , وهذا المرض يحدث تشنجات مفاجئة , مع غياب عن الوعي يدوم بضع دقائق , مما يعرض المصاب للخطر , لذا فان هذه الفئه من الاولاد تحتاج الى عناية خاصة , ومتابعة مستمرة ودقيقة , سواء من قبل الاهل او المشرفين في المدرسة , لملاحظة اية نوبات صرعية قد تحدث , لاتخاذ الاجراء الاسعافي اللازم في حينه , والذي يدف قبل كل شئ الى ابعاد المصاب عن دائرة الخطر ثم المساعدة على تسهيل عملية التنفس , عن طريق ازالة العوائق المختلفة كالثياب الضيقة مثلا , والحيلولة دون السماح للمصاب عض لسانه بسبب التشنج العضلي الذي يصيبه اثناء النوبة الصرعية .
ان هذه الفئة من الاولاد تحتاج لاهتمام خاص في المدرسة , بحيث لا ندع مريض الصرع يتعرض للنوبة الصرعية وهو في موقع خطر , مثل الاماكن المرتفعة او امام آلات حادة , او اثناء القيام بنشاط رياضي ينطوي على المخاطرة .
ان هؤلاء الاولاد بحاجة الى متابعة دورية في المستشفى , لرصد ودراسة كافة التطورات التي تطرأ عليهم , واعطائهم العلاج اللازم الذي يقرره الطبيب المختص بدقة وانتظام , ثم معايرة الدواء في الدم بين الحين والآخر لتفادي حدوث التسمم الدوائي والذي قد يؤدي ايضا الى مضاعفات خطرة .
3-حالات العوق الحركي : انها من اهم المشكلات الصحية المصاحبة لذوي الحاجات الخاصة , وهي طائفة كبيرة من الامراض الناجمة عن تلف عضوي في المخ اوالمخيخ او الجهاز العصبي المركزي , اما بسبب وراثي او مكتسب , مما يؤدي الى خلل في وظيفة او اكثر من وظائف الجسم العضلية او العصبية او كليهما , والتي تلعب دورا هاما في عملية الحركة والمشي والتوازن , ولعل ابرز هذه الحالات هي حالات ( الشلل الدماغي) حيث يؤدي هذا المرض الى خلل جسيم في الوظائف العصبية , ويسفر عن قصور او شلل او ضعف في التوازن والتآزر العضلي العصبي .

واشير هنا الى حالات ضعف التوازن والتآزر الحركي بشكل خاص , والتي تحتاج الى دراسة وافية , وفحص دقيق , لتحديد طبيعة الاصابة وأسبابها, لوضع الخطة العلاجية المناسبة , حيث ان هذه الفئة من الحالات تعاني فشلا كبيرا في اكتساب المهارات الدقيقة , مثل مهارة امساك القلم والكتابة , والاعمال الاخرى التي تحتاج الى تآزر عضلي عصبي , وجدير بالذكر ان بعض هذه الحالات يستفيد من العلاج والتدريب , ويحرز تقدما ملموسا في مجال الاداء الحركي والتآزر العصبي العضلي ، اما البعض الآخر , والذي يعود لاسباب وراثية , فانهم غالبا لا يحرزون أي تقدم ، بل على العكس قد تتجه حالاتهم نحو تدهور مستمر مع الزمن , ويحتاجون للمتابعة والرعاية.
4-حالات الضعف السمعي او الضعف البصري المصاحبة للعوق العقلي :
ان هذه الفئة تحتاج الى فحص دقيق لتحديد درجة الضعف السمعي , او الضعف البصري لاختيار المعينة السمعية المناسبة ، او النظارة الطبية المناسبة والتأكيد على لبس النظارة او السماعة اثناء الحصص الدراسية , والحرص على نظافتها وصيانتها .
5-امراض الدم الوراثية , داء السكري , قصور الغدد الصم , وغيرها :
وهذه الحالات تحتاج الى تشخيص مبكر ودقيق , لتحديد نوع المرض واسبابه , والاحتياطات الواجب اتباعها , ثم الشروع بالعلاج اذا لزم الامر منعا لحدوث المضاعفات والاختلاطات , وينبغي على المدرسين والمشرفين مراعاة هذه الحالات وملاحظتها بدقة, واشير هنا الى حالات فقر الدم المنجلي ، وانيميا البحر المتوسط والتي تحتاج الى فحوص مخبرية دورية لقياس نسبة خضاب الدم للتأكد من حاجة هؤلاء المرضى لنقل الدم , او أية اجراءات علاجية اخرى , 

والمطلوب من المشرفين مراعاة حالات هؤلاء الطلاب ومتابعتهم , وعدم تكليفهم باعمال مجهدة في حصص النشاط المختلفة حرصا على سلامتهم .
ولا بد هنا من الاشارة الى ان الخدمة الطبية التي تحتاجها فئة الحاجات الخاصة لا تنحصر في الاطار العلاجي فحسب , وانما تمتد الى الجانب الوقائي , والذي هو على قدر كبير من الاهمية والتأثير . واستطيع ان ألخص التدابير الوقائية في ميدان الخدمات الصحية لذوي الحاجات الخاصة على النحو التالي :
- التدخل المبكر لدى العديد من الحالات للحد من تدهور الحالة , او حدوث المضاعفات , خاصة حالات تشوهات القلب الولادية والتي تحتاج الى العمل الجراحي وحالات العوق الحركي التي تحتاج للعلاج الطبيعي , حيث ان الجراحة المبكرة لمرضى القلب تنقذ الطفل من مضاعفات خطيرة , كما ان العلاج الطبيعي لحالات العوق الحركي يمكن ان يحقق لهم تقدما كبيرا .
- نشر الوعي الصحي بين صفوف المجتمع في كافة قطاعاته ,في الاسرة , في المدرسة , في الحي , في دائرة العمل , وفي وسائل الاعلام المختلفة , للتعريف بمشاكل ذوي الحاجات الخاصة بشكل عام , واسباب الاعاقة , وآثارها على الفرد والمجتمع .
- توعية الشباب قبل الزواج ، وتوضيح احتمال ظهور بعض الصفات الوراثية السيئة لدى الابناء والتي تكون كامنة والتي يزداد احتمال ظهورها عند زواج الاقارب .
- توعية الامهات نحو اهمية فترة الحمل , والمخاطر الكبيرة التي تهدد الجنين خلالها عند اخذ بعض الادوية , او التعرض للاشعة , او الاصابة ببعض الامراض , كالحصبة الالمانية , او داء المقوسات ( التوكسو بلازموزيس ) 
- الاهتمام بمرحلة الطفولة وحماية الطفل من الامراض الخطرة ، كالحمى المخية الشوكية والتهاب الدماغ , او اية حالات تؤدي الى ارتفاع شديد في درجة الحرارة . - التأكيد على اهمية التطعيمات الاساسية للطفل , واكمال برنامج التطعيم بكل دقة والمتوفر لدى كافة المراكز الصحية والمستشفيات 0
- رعاية الطفل رعاية جيدة , وحمايته من المخاطر العديدة التي يمكن ان تصيبه , مثل السقوط من ارتفاع ، او الرضوض على الرأس بشتى اشكالها ، او حوادث التسمم والاختناق , وحوادث الطرق وما يترتب عليها من اصابات .

وهكذا ايها الاخوة نجد ان فئة ذوي الحاجات الخاصة بحاجة الى رعاية دائمة لاعانتهم في هذه الحياة كي يشقوا طريقهم بكل ثقة نحو حياة كريمة وسعيدة كغيرهم من الاسوياء .

هناك تعليق واحد: